الصحافة في 2021.. أصحاب القلم يدفعون ثمن البحث عن الحقيقة بدمائهم

الصحافة في 2021.. أصحاب القلم يدفعون ثمن البحث عن الحقيقة بدمائهم

تعد حرية الصحافة أحد الدعائم الأساسية لإرساء الديمقراطية، لكن رغم ذلك تحدث انتهاكات بحق الصحفيين في بلدان كثيرة من ضمنها دول ذات نظم ديمقراطية، وتوجد الكثير من الدول العربية بين تلك التي تقيد حرية الصحافة وتلاحق الصحفيين.

 

في هذا التقرير ترصد “جسور بوست” أبرز الانتهاكات التي طالت أصحاب القلم خلال عام 2021 وفق تقارير منظمات دولية مثل الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة “مراسلون بلا حدود” وغيرها.

 

اعتقالات

كشفت منظمة “مراسلون بلا حدود” عن وجود 488 عاملاً في مجال الإعلام مسجونين في دول العالم المختلفة حالياً، في عدد وصفته المنظمة بالقياسي، لكنها أحصت في تقريرها السنوي مقتل 45 صحفياً خلال عام 2021 في أدنى حصيلة للقتلى بين الصحفيين منذ 20 عاماً.

 

وفيما يمثل الرجال معظم عدد الصحفيين المسجونين في العالم (87,7%)، إلا أن بيلاروسيا كانت الدولة الأكثر احتجازاً للصحفيات، حيث احتجزت 17 صحفية في الوقت الذي احتجزت فيه 15 صحفياً.

 

وتوزعت أرقام الصحفيين المعتقلين في الدول التي تعتبر الأكثر سجناً للصحفيين على النحو التالي: (127 في الصين)، (34 في تركيا)، (29 في بيلاروسيا)، (53 في بورما) ، و(43 في فيتنام)، و(29 في إريتريا)، و(12 في روسيا)، (11 في أذربيجان واليمن)، (10 في كمبوديا)، (9 في إيران).

 

وتصدرت آسيا القائمة الإقليمية للاتحاد، حيث وصل عدد الصحفيين الذين يقبعون خلف القضبان إلى 162، تليها أوروبا بـ87 صحفياً ثم الشرق الأوسط والعالم العربي بـ65، ثم إفريقيا بـ49 صحفياً وأخيراً الأمريكيتان بصحفيَين.

 

وأدت حملات القمع والتضييق على الصحفيين من قبل الأنظمة الشمولية في ميانمار وبيلاروسيا وأذربيجان وهونغ كونغ إلى زيادة عمليات الاعتقال للصحفيين.

 

جرائم قتل

 

وذكرت “مراسلون بلا حدود”، أن عدد الصحفيين والعاملين في الإعلام، الذين قُتلوا خلال عام 2021، بلغ حدّه الأدنى منذ 20 عاماً حيث سجل 45 قتيلاً فقط.

 

ولا تزال المكسيك وأفغانستان البلدين الأخطر على الصحفيين هذا العام، وقد قُتل فيهما 7 و6 صحفيين على التوالي، يليهما الهند واليمن في المرتبة الثالثة مع مقتل 4 صحفيين في كل منهما.

 

وعلى الرغم من التفاؤل من هذا الانخفاض في عدد القتلى من الصحفيين، إلا أنها ما زالت تبعث على القلق وسط حملات العنف المستمر ضد الصحفيين الذين أودي بحياة العديد منهم في بلدان كأفغانستان (9)، المكسيك (8)، الهند (4) وباكستان (3).

 

وتتصدر منطقة آسيا والمحيط الهادئ مرة أخرى المناطق الأخرى من ناحية الخسائر البشرية في المجتمع الصحفي بـ20 عملية قتل متقدمة على الأمريكيتين بـ(9)، وإفريقيا (8)، وأوروبا (6)، والشرق الأوسط والعالم العربي (2).

 

ويعود تصدر منطقة آسيا والمحيط الهادئ قائمة الصحفيين القتلى لمحنة الصحفيين في أفغانستان وأزمة قطاع الإعلام عقب استيلاء حركة طالبان المتشددة على السلطة، بجانب أزمة الصحفيين في اليمن وفي العراق وسوريا في ظل أزمات النزاع والحرب والنزاعات الطائفية.

 

رهائن

 

بحسب “مراسلون بلا حدود”، أخذ ما لا يقل عن 65 صحفياً ومتعاوناً مع وسائل إعلام مختلفة، رهائن في العالم، أي أكثر من العام الماضي باثنين جرى التحفظ عليهما كرهائن.

 

وأوضحت المنظمة، أن جميع الرهائن في 3 دول فقط في الشرق الأوسط وهي، سوريا (44 صحفياً) والعراق (11) واليمن (9)، باستثناء الصحفي الفرنسي أوليفييه دوبوا، والمحتجز منذ شهر أبريل في دولة مالي.

 

مطالبات بوقف الانتهاكات

 

طالب الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين أنتوني بيلانجي، بالتحرك ضد الانتهاكات المتزايدة لحقوق الصحفيين وحرية الإعلام في جميع أنحاء العالم.

 

وأوضح أن قوائم الصحفيين المسجونين والقتلى دليل واضح على أفعال متعمدة عن سبق إصرار تستهدف الصحافة المستقلة، وتسلط الضوء على انتهاك الحق الأساسي للمواطنين في الحصول على معلومات دقيقة وموضوعية وعادلة تمكنهم من الاطلاع الدقيق على الشؤون العامة، وهو شرط أساسي لمجتمع منفتح وحكومة تعبر عن رغبات الغالبية من الناس.

 

ودعا الأممَ المتحدة إلى تبني مقترح الاتفاقية الدولية الخاصة بسلامة الصحفيين من أجل تعزيز وحماية وضمان سلامة الإعلاميين في أوقات السلم وأثناء النزاعات المسلحة، والحفاظ على قدرتهم على ممارسة مهنتهم بطريقة حرة ومستقلة في مناخ ملائم ودون التعرض للمضايقات أو الترهيب أو الاعتداء على سلامتهم الجسدية.

 

وقالت “لجنة حماية الصحفيين” ومقرها نيويورك، إن سجن صحفيين لإعدادهم تقارير إخبارية هو السمة التي تميز نظاماً استبدادياً.

 

ونددت لجنة حماية الصحفيين بما يتعرض له صحفيون من قتل وسجن ورقابة وأذى جسدي وتهديد، وقالت إنه من المؤلم رؤية العديد من الدول على اللائحة عاماً تلو الآخر، لكن من المروع بشكل خاص أن ميانمار وإثيوبيا أغلقتا الباب بوحشية أمام حرية الصحافة.

 

وأشارت إلى أن عدد الصحفيين المسجونين يعكس “عدم تسامح متزايداً مع التقارير المستقلة في أنحاء العالم”.

 

وأشار التقرير إلى قيود في البيئة التي يعمل فيها صحفيون في أنحاء العالم، ومنها قوانين تستخدم لاستهداف صحفيين في هونغ كونغ وشينجيانغ، والانقلاب في بورما والحرب في شمال إثيوبيا وقمع المعارضة في بيلاروسيا.

 

منظمات حقوقية

 

طالبت منظمتا “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، الأمن العام اللبناني بالإفراج عن الصحفية الأمريكية ندى الحمصي التى تم إيقافها “تعسفياً” من دون مذكرة توقيف، منددتين بتعرض الصحفيين لانتهاكات متزايدة.

 

ويتعرض الصحفيون والناشطون في لبنان، وفق المنظمتين، لـ”هجمات متزايدة” من جهات حكومية وغير حكومية، وتستخدم السلطات الصلاحيات الواسعة للمحاكم العسكرية لإسكات ومعاقبة أي معارضة سلمية أو انتقاد للأجهزة الأمنية.

 

وفي 26 نوفمبر، حكمت المحكمة العسكرية على الصحفي رضوان مرتضى، الكاتب في صحيفة الأخبار اللبنانية ووسائل إعلام أخرى، بالسجن 13 شهراً بدعوى “تحقير” الجيش، في حكم نددت به جهات عدّة.

 

ودعت لجنة حماية الصحفيين السلطات إلى إسقاط محاكمة مرتضى، معتبرة أنه “لا شأن للجيش بمحاكمة صحفي ومعاقبته”.

وذكر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في تقرير له، أن إسرائيل تتعمد ابتزاز ومساومة صحفيين فلسطينيين على حقهم في حرية التنقل والحركة.

 

وأفاد تقرير المرصد الذي حمل عنوان (معاقبة الصحفيين: قيود “إسرائيل” على حرية التنقل والحركة)، عن صحفيين فلسطينيين قولهم إن ضباطاً إسرائيليين أبلغوهم بأنه يمكن أن يزال عنهم قرار المنع من السفر في حالة واحدة فقط؛ وهي التعاون معهم في تقديم معلومات أمنية عن الفلسطينيين أو العمل لصالح إسرائيل.

 

وبحسب التقرير، وعد الضباط “الإسرائيليون” الصحفيين بمنحهم الحق في التنقل والسفر إذا ما تخلوا عن عملهم الصحفي أو توقفوا عن العمل لصالح جهات إعلامية وصحفية معينة، وفي حال رفضهم، يتعرض الصحفيون لـ”الاعتداءات الجسدية والنفسية، من خلال الضرب والاحتجاز والاقتحامات المنزلية والتهديد بالملاحقة المتواصلة”.

 

وقالت مسؤولة الإعلام لدى الأورومتوسطي، نور علوان: “إن إسرائيل تمارس منذ عقود تضييقاً كبيراً على حرية الصحافة والتعبير عن الرأي في الأراضي الفلسطينية”.

 

وأوضحت أن تلك القيود تتمثل في الاستهداف المباشر والاعتقال والترهيب للصحفيين وإتلاف المعدات وغيرها، لكن في الأعوام الأخيرة تصاعد شكل آخر من الانتهاكات ضدهم بشكل غير معلن عبر المنع من السفر.

 

وشدد المرصد على أن إسرائيل ملزمة بمنح الصحفيين الفلسطينيين حقهم في الحركة والتنقل داخل وخارج الأراضي الفلسطينية، دون عرقلة أو قيود بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

 

وتوثق إحصائيات فلسطينية رسمية اعتقال “إسرائيل” أكثر من 20 صحفياً فلسطينياً، من إجمالي أكثر من أربعة آلاف أسير تعتقلهم في سجونها منذ فترات مختلفة.

 

العنف ضد الصحفيات

 

كشفت وثيقة لليونسكو عن زيادة حادة في حالات العنف المرتكب ضد الصحفيات عبر الإنترنت، مشيرة إلى وجود ارتباط وثيق بين هذه الهجمات، من ناحية، والمعلومات المضللة والتمييز متعدد الجوانب من ناحية أخرى.

 

وشملت الدراسة التي تعتبر الأولى من نوعها، 901 صحفي من 125 بلداً، ورصدت فيها مقابلات طويلة جرت مع 173 صحفياً وخبيراً في المجال، بجانب دراسات متعمقة لحالات تستند إلى بيانات عملت على تحليل ما يزيد على 2.5 مليون منشور على وسائل التواصل الاجتماعي استهدفت صحفيين بارزين.

 

وتوصلت الوثيقة إلى أن الهجمات التي جاءت عبر الإنترنت تنطوي على آثار واقعية، وضرر هذه الاعتداءات لا يقتصر على الصحة النفسية ومستوى الإنتاجية فقط، بل يتجاوزه إلى الاعتداءات الجسدية وكذلك المضايقات القانونية للصحفيين.

 

ورصدت الدراسة أن الصحفيات هن الأكثر تضرراً من تلك المضايقات عبر الإنترنت، بسبب العنصرية وكراهية المثلية الجنسية والتشدد الديني ومختلف أشكال التمييز.

 

وجاء في الدراسة، أن الهجمات التي تتعرض لها الصحفيات على الإنترنت نابعة من دواعٍ سياسية، حيث تبين أن الجهات السياسية الفاعلة والعناصر المتطرفة ووسائل الإعلام المتحيزة، تقوم بالتحريض ضد الصحفيات، ما يسبب المزيد من العنف الذي تتعرض له الصحفيات.

 

واعتبرت أن منصات مواقع التواصل الاجتماعي تؤدي إلى تأجيج العنف عبر الإنترنت، وخلصت إلى أن العنف يتزايد عبر الإنترنت، ولا سيما في ظل التطور التكنولوجي وانتشار المنصات المختلفة، مشيرة إلى أن الإفلات من العقاب يشجع الجناة على ارتكاب المزيد من الجرائم، ويقوض أسس الصحافة ويقلل من حرية التعبير.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية